الأخبار

هل تدفع ضغوظ التضخم والبيانات المفاجأة بنك الاحتياطي الاسترالي لرفع الفائدة بعد توقف دام لأربعة أشهر؟ السيناريو المتوقع!


السيناريو المتوقع لقرارات البنك الاحتياطي الاسترالي

تترقب أسواق العملات غدا الثلاثاء؛ بالسابع من نوفمبر صدور قرار الفائدة لبنك الاحتياطي الاسترالي ، بعد أن كانت لجنة السياسة النقدية للبنك قد قررت الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير خلال اجتماعاتها بالأشهر الأربعة الماضية عند مستوى 4.10%، وكان آخر رفع للفائدة طبقه البنك باجتماعه في بداية شهر يونيو، وظل الاحتياطي الاسترالي محافظا على نبرة متشددة في تصريحاته بقرارات الفائدة الأربعة السابقة بشأن احتمالية رفعه للفائدة إذا استدعت الحاجة، وفيما يلي نظرة على البيانات الاقتصادية الأخيرة والسيناريوهات المتوقعة لقرار الاحتياطي الاسترالي في ظل تصريحات الأعضاء بالفترة السابقة:

البيانات الاقتصادية وتأثيرها المحتمل على قرار الاحتياطي الاسترالي

أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية بأستراليا أن معدلات التضخم في البلاد قد سجلت ارتفاعا آخر للشهر الثاني على التوالي خلال شهر سبتمبر الماضي، حيث سجلت قراءة مؤشر أسعار المستهلكين في أستراليا ارتفاعا بنسبة 5.6% على أساس سنوي، وكان هذا أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت لارتفاعها بحوالي 5.3% فقط، وذلك بعدما كانت أستراليا قد سجلت ارتفاعا في معدل التضخم سنوى بلغ 5.3% خلال شهر أغسطس الماضي أيضا.

أما على أساس شهري ، فقد سجلت أستراليا أيضا ارتفاعا في معدل التضخم خلال سبتمبر، بالمقارنة مع أغسطس، حيث جاءت قراءة التضخم الشهري عند 1.2%، متجاوزة التوقعات البالغة 1.1%، وكذلك القراءة السابقة؛ لشهر أغسطس ، والبالغة 0.8%، وارتفعت توقعات معهد ميلبورن للتضخم بعد أن تراجعت خلال الشهرين الماضيين.

وبالنسبة لمعدل التضخم الأساسي المعدل – والذي يستثني أسعار 30% من أكثر السلع تقلبا في الأسعار – فقد بلغت قراءة سبتمبر 1.1%، وهي أعلى كذلك من التوقعات البالغة 1.0%، بعدما سجلت أستراليا ارتفاعا إلى 1.0% خلال شهر أغسطس الماضي.

وكانت الارتفاعات الأخيرة لمعدل التضخم بالبلاد تقودها ارتفاعات أسعار الوقود، ولكن أسعار خدمات الإيجار وأسعار الوحدات المباعة من المالكين في قطاع الإسكان بشكل كبير أيضا، كمار ارتفعت كذلك أسعار الكهرباء ، وهو ما يشكل ضغوطا تضخمية قوية على الاقتصاد الاسترالي، مما قد يدفع بنك الاحتياطي الاسترالي إلى رفع الفائدة باجتماع الغد.

وفي نفس الوقت فقد جاءت ارتفعت مبيعات التجزئة في أستراليا بشكل فاق المتوقع خلال شهر سبتمبر الماضي، حيث سجلت نموا بنسبة 0.9% خلال شهر سبتمبر الماضي، وهي أعلى بكثير من توقعات الأسواق التي رجحت ارتفاعها بحوالي 0.3% فقط خلال تلك الفترة، وذلك بعدما شهدت أستراليا نموا في مبيعات التجزئة بنسبة 0.3% خلال أغسطس الماضي.

وبالنسبة لأداء سوق العمل بأستراليا ، فقد أظهرت البيانات ضعف نمو بيانات التوظيف داخل أستراليا خلال شهر سبتمبر الماضي، حيث أضاف اقتصاد البلاد نحو 6.7 آلاف وظيفة فقط، وهو ما جاء أقل بكثير من توقعات الأسواق التي أشارت لإضافة أستراليا حوالي 20.6 آلاف وظيفة، و كانت القراءة السابقة لشهر أغسطس الماضي قد أوضحت أن اقتصاد أستراليا قد أضاف 63.6 آلاف وظيفة.

وفي الوقت ذاته، تراجع معدل البطالة داخل أستراليا خلال شهر سبتمبر إلى مستوى 3.6% خلال نفس الفترة، وهو ما جاء أفضل من توقعات الأسواق التي أشارت لاستقراره عند 3.7%، بعدما سجلت قراءته السابقة لشهري أغسطس ويوليو 3.7%، وعلى الرغم من تراجع حجم التوظيف الجديد، إلا أنه لا يزال حقق نموا، بما يعكس مرونة الاقتصاد، كما أن معدل البطالة قد تراجع وهو مكا يفسح المجال أمام الاحتياطي الاسترالي لرفع آخر بالفائدة.

ولكن على الجانب السلبي، فقد أظهرت بيانات مؤشرات مديري المشتريات الأخيرة تباطؤا حادا لنشاط القطاع التصنيعي ليسجل أدنى مستوياته منذ مايو الماضي، كما ظلت القراءة في منطقة االانكماش عند 48.0 نقطة، وفي نفس الوقت، فقد تراجع نشاط القطاع الخدمي لمنطقة الانكماش أيضا ليسجل 47.6 نقطة، بعد شهرين من النمو.

وعلى الرغم من أن تراجع نشاط القطاعين قد يحد من مدى قدرة بنك الاحتياطي الاسترالي على رفع أسعار الفائدة، ولكنها قد لا يكون كافيا لإيقاف خطوة الرفع، خاصة مع ظهور علامات نمو الطلب بالاقتصاد وعودة ارتفاع التضخم، واستمرار تسارع وتيرة نمو اقتراض القطاع الخاص بالبلاد.

تصريحات أعضاء بنك الاحتياطي الاسترالي حيال أسعار الفائدة

في تعليقها على بيانات التضخم الأخيرة، أقرت محافظ بنك الاحتياطي الاسترالي ، ميشيل بولوك ، بأن مؤشر أسعار المستهلكين قد جاء أعلى قليلا مما كان يتوقعه البنك المركزي، مشيرة إلى أن هذا سوف يدفع بنك الاحتياطي الاسترالي إلى تعديل توقعاته الاقتصادية بناءا على التضخم المرتفع، وهو ما يعد أمرا غير مرغوب عادة، نظرا لأن البنك يبني توقعاته الاقتصادية وجزء من قرارات الفائدة على تلك التوقعات.

وحذرت بولوك من أنه كلما طالت فترة بقاء التضخم أعلى من نطاق مستهدفات بنك الاحتياطي الاسترالي ، كلما زادت الاحتمالات بتغير توقعات التضخم، وهو ما سيستدعي استجابة مناسبة من البنك، وأضافت المحافظ أن الاحتياطي الاسترالي يهدف إلى إبطاء الاقتصاد لخفض التضخم، ولكن  دون دفعه إلى الركود.

وأفادت بولوك بأن تضخم أسعار الخدمات قد فاق التوقعات، وجاء أعلى مما يجب أن يكون عليه، وأوضحت أنه حتى مع تراجع تضخم أسعار السلع إلا أن زيادة تضخم أسعار الخدمات لا يزال مستمرا، وهو ما يشكل تزايد للضغوط التضخمية في البلاد.

وكانت بولوك قد صرحت قبل صدور بيانات التضخم الأخيرة بأن بنك الاحتياطي الاسترالي لن يتردد في رفع أسعار الفائدة إذا كان هناك مراجعة مرتفعة جوهريا لتوقعات التضخم بالبلاد، وأكدت على أن أولوية الاحتياطي الاسترالي تظل مركزة على خفض التضخم ضمن فترة معقولة.

وأشارت المحافظ إلى أن هناك مخاطر من أن يعود التضخم إلى المستوى المستهدف بشكل أبطأ من المتوقع، وأوضحت أنه على الرغم من إبقاء الاحتياطي الاسترالي على أسعار الفائدة معلقة للأشهر الأربعة السابقة، لانتظار ظهور التأثيرات المتأخرة للقرارات السابقة على التضخم، إلا أن البيانات المقبلة سيكون لها دور كبير في اتخاذ قرار شهر نوفمبر.

وفي تقرير محضر اجتماع لجنة السياسة النقدية الذي أصدره بنك الاحتياطي الاسترالي عن الشهر الماضي، أعرب أعضاء اللجنة عن قلقهم حيال الارتفاعات المستمرة في الضغوط التضخمية، وناقش البنك خيار رفع أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس، ولكنه ارتأى أنه من فضل الإبقاء على الفائدة دون تغيير للسماح بالتأثيرات المتأخرة لقرارات الرفع السابقة بالظهور.

توقعات المؤسسات المالية والبنوك الكبرى لقرار الاحتياطي الاسترالي

أظهر مسح أجرته وكالة رويترز بمشاركة 39 خبيرا اقتصاديا، أن توقعات هؤلاء الاقتصاديين ترجح احتمالية أن يقوم بنك الاحتياطي الاسترالي برفع أسعار الفائدة في اجتماع نوفمبر، وتوقع غالبية المشاركين بأن يرفعها الاحتياطي الاسترالي بمقدار 25 نقطة أساس، ليرتفع معدل الفائدة من 4.10% إلى 4.35%، وهو مستوى لم يشهده الاحتياطي الاسترالي منذ نوفمبر 2011، وتوقع أغلب الخبراء أن يظل الاحتياطي الاسترالي عند هذا المعدل حتى شهر يونيو من العام المقبل على الأقل.

وبشكل منفصل، حث صندوق النقد الدولي IMF ، في تقييمه السنوي لاقتصاد أستراليا ، بنك الاحتياطي الاسترالي على ضرورة رفع أسعار الفائدة ، مضيفا أنه على الرغم من أن التقدم الذي أحرزه البنك في معركته ضد التضخم، إلا أن مؤشرات أسعار المستهلكين لا تزال تسجل قراءات أعلى بكثير من هدف بنك الاحتياطي الاسترالي، وهو ما يعزز مخاطر ترسخ التضخم المرتفع، في حال عدم استجابة لجنة السياسة النقدية بالشكل المناسب.

ويرى بنك ستاندرد تشارترد البريطاني أنه من المرجح أن يرفع بنك الاحتياطي الاسترالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 4.35%، في ظل البيانات الأخيرة لمؤشر أسعار المستهلكين للربع الثالث، والتي جاءت أعلى من المتوقع، وأضاف أنه في حالة عدم قيام بنك الاحتياطي الاسترالي برفع أسعار الفائدة باجتماع نوفمبر، فإن هذا قد يعني فقط تأخير قرار الرفع، وليس العدول عنه بشكل نهائي.

هذا كما أشار خبراء بنك ANZ أيضا إلى أنهم يتوقعون أن يرفع بنك الاحتياطي الاسترالي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بعد تصريحاته المتشددة وبيانات مؤشرات أسعار المستهلكين “غير المريحة”، مشيرا إلى أنه لا يتوقع أي تخفيض حتى الربع الرابع من عام 2024.

وعلى نفس خط التوقعات، يرى كل من دويتشه بنك الألماني وبنك ING و ويستباك الاسترالي و TDS وسوسيتيه جنرال و ويلز فارجو وسيتي بنك أن بيانات التضخم الأخيرة قد تركت خيارات الاحتياطي الاسترالي محدودة للغاية، مع ترجيحهم لاحتمالية رفع سعر الفائدة بواقع 25 نقطة أساس.

السيناريوهات المتوقعة لقرار الاحتياطي الاسترالي

وفي ظل البيانات الاقتصادية الأخيرة والمخاوف المتزايدة من ترسخ التضخم المرتفع في ظل استمرار الضغوط التضخمية بتشكيل مصدرا كبيرا للقلق، فإن السيناريوهات المتوقعة لقرار بنك الاحتياطي الاسترالي لشهر نوفمبر هي:

السيناريو الأول: وهو الأرجح، أن يقوم بنك الاحتياطي الاسترالي برفع أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس إلى 4.35%، وأن يتحدث البنك بعدها عن إلتزامه بخفض التضخم وأن احتمالية رفع آخر للفائدة لا تزال قائمة إذا ارتفعت مخاطر التضخم، وسيكون لهذا السيناريو على الأرجح تأثيرا إيجابيا على الدولار الاسترالي.

السيناريو الثاني: هو قيام بنك الاحتياطي الاسترالي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير عند 4.10%، مع الإشارة إلى التأثيرات المتأخرة التي لم تظهر بعد لقرارات الرفع السابقة، وتأكيده على أنه يقف مستعدا لرفع أسعار الفائدة باجتماعاته المقبلة، إذا أظهرت بيانات التضخم مقاومة أكبر تجاه التباطؤ، وارتفعت مرة أخرى، وقد يكون لهذا السيناريو تأثيرا سلبيا على تحركات الدولار الاسترالي.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button

Adblock Detected

الرجاء ايقافها لتتمكن من تصفح الموقع